نالت المرأة الصحراوية دوما مكانة متفردة داخل المجتمع، وتميزت عن مثيلاتها لدى شعوب الجوار بإعلاء قيمتها الإعتبارية داخل الأسرة والمجتمع الصحراويين.
ومع إنطلاق شرارة الثورة الصحراوية في سبعينيات القرن الماضي، هبت النساء الصحراويات ينجزن المهام ويضطلعن بالأدوار المتميزة، فمع الإرهاصات الأولى لتأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو)، اختارت المرأة الصحراوية الصفوف الأمامية وتبوأت مراكز القيادة في الحركة، ويسجل التاريخ أنها ساهمت في انتشال شعبها من براثن التخلف والجهل والتشرذم سيرا به على هدي رؤية ثورته المجيدة، حتى أحرز مكانة الشعب المنظم الذي ينتزع إعتراف العالم أجمع بحقه في الحرية والاستقلال الوطني.
وللمرأة الصحراوية الحضور الوازن والمتقدم بين المتظاهرين الصحراويين في ماي 1975 إثر زيارة أول بعثة أممية للصحراء الغربية المستعمرة آنذاك من طرف إسبانيا، وبعد غزوها من طرف قوات جيش الإحتلال المغربي لجأ الآلاف من الصحراويين نحو اللجوء في الجنوب الجزائري، وفي هذه الظروف لم تأل المراة الصحراوية جهدا في بلوغ المبتغى حين عهد لها التسيير الإداري، وابلت البلاء الحسن في ضبط الأمن والسهر على حماية وضمان أعلى درجات الأمان داخل مخيمات اللاجئين الصحراويين، وقدمت التضحيات الجبارة والجهد البدني الخارق في النسيج والخياطة واشغال البناء وبالمحصلة سجلت المرأة الصحراوية حضورا وازنا في مختلف مناحي الحياة داخل المخيمات.
وفي المناطق المحتلة من الصحراء الغربية، وجدت المرأة الصحراوية نفسها رفقة أخيها الرجل في مواجهة الآلة القمعية المغربية، فكان نصيبها هي الأخرى الإختطاف والتعذيب والإحتجاز داخل السجون والمخابئ السرية المغربية التي سجلت سراديبها مرور المئات من النساء الصحراويات، ورغم ما تعرضت له المناضلات الصحراويات من تنكيل وتعذيب، فإن هذا لم ينقص من عزيمتهن، بل إنهن كن في طليعة من قاد وأطر إنتفاضة الاستقلال التي إندلعت في 21 ماي 2005، ولازلن يواصلن مسيرة النضال والتحدي للغزاة ويسطرن أروع صور الصمود والكبرياء.
من خلال هذه النافذة سنستعرض في كل عدد منها سيرة ومسار إحدى لبؤات هذا الشعب اللواتي صنعن المجد وخلدن أسماءهن في سجل وملاحم الثورة الصحراوية، وستكون هذه النافذة منبرا للتعريف بالمساهمة الرائدة لهؤلاء المناضلات الصحراويات في التجربة الكفاحية للشعب الصحراوي من أجل الحرية والإستقلال الوطني، واللائي حظين بجدارة التميز من خلال بصماتهن النضالية البارزة التي تركوها وشجاعتهن ومشاركتهن اللافتة للنظر في هذا التاريخ البطولي لشعبنا المجيد.