تستقبل الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي يوم الثامن نوفمبر بمزيج من مشاعر الفخر بالبطولة والإقدام التي طبعت مسيرة النضال الوطني الصحراوي ضد الاحتلال المغربي، وإحساس بالألم والحسرة والحزن اتجاه استمرار دولة الاحتلال المغربي في التنصل من المسؤولية تجاه الشعب الصحراوي والإفلات من العقاب جراء ما ارتكبت وتتمادى في ارتكابه من صنوف الأعمال الوحشية ضد أبنائه.
ليس عبثا أن تكون لمدلولات هذا اليوم رمزية بجذور تاريخية تحكي عن مقاومة أبناء الشعب الصحراوي، فالثامن من نوفمبر يظل يوما مشهودا في تاريخ العطاء والتضحية. فكما تم التآمر على شعبنا بغزو وتقسيم أرضه منذ 45 سنة، تم الغدر بالجماهير الصحراوية المحتجة في واحدة من أرقى معارك المقاومة الشعبية السلمية، التي صارت نموذجا اقتدت به ميادين التحرير الشعبية، والثورات العربية التي اندلعت على ذات المنوال قبل اختراقها وتحريفها عن مقاصدها. في ميدان التحرير الصحراوي “كديم ازيك” تفتقت عبقرية الصحراويين عن شكل احتجاجي يتفرد بتميز الأسلوب ودقة التنظيم والتصميم الثابت على رفع اللبس وسوء الفهم الكبير الذي أغوى الكثيرين ممن غالطتهم الدعاية المخزنية بمعزوفة “الحكم الذاتي” وحكايات “التنمية المستدامة” و”الجهوية المتقدمة” وهلم تغليطا، ليسقط القناع باقتحام وتدمير مخيم كان يعد أكثر من ثمانية آلاف خيمة ويأوي زهاء الثلاثين ألف نفر تحت ظلام فجر الثامن نوفمبر 2010، فتتكشف النوايا المبيتة لدولة همها الوحيد تأبيد الاحتلال الذي بدأ باجتياح الجيش المغربي ذات الواحد والثلاثين أكتوبر 1975 لأراضي الصحراء الغربية.
في يوم المعتقل السياسي الصحراوي الموافق للذكرى العاشرة للهجوم الغادر على مخيم كديم ازيك، تنتصب صور البطولة والإقدام المسجلة باسم لبؤات وضراغم الحرية الذين رفضوا القبول بالسطو على أرضهم والتصرف في خيراتهم. كانوا يتصدون بصدور عارية لآلة قمع همجية تنشر القتل والترهيب في كل أركان المخيم وتكسر سكون المدينة بأزيز المروحيات وصفارات إنذار وناقلات جند وأخبار عن سقوط شهداء واعتقالات بالمئات وعصابات المستوطنين تنهب وتكسر تحت حماية جيش الاحتلال لإعادة توطين الرعب في القلوب كما حدث زمن الاجتياح الأول. لم تف أعداد مراكز الاعتقال المنتشرة في المدينة وخارجها بحاجة دولة الاحتلال إلى طاقة احتجاز تزداد بارتفاع أرقام من تطالهم يد المختطفين، فاستعملت القاعات الخاصة والمدارس وإدارات أخرى للحجز والاستنطاق والتعذيب، المئات من المعتقلين ظهروا بعد أيام بالسجن لكحل بالعيون المحتلة، وكوكبة أخرى من الأبطال سترصع تاريخ المقاومة الوطنية الصحراوية بأروع درر المجد وهم يتقدمون الصفوف في معركتنا المصيرية الوجودية في الحرية والاستقلال ويعطون دروسا في المرافعة عن قضية شعبهم والثبات على الموقف غير آبهين بمدد أحكام قضاء الاحتلال التي تجاوزت العشرين والثلاثين سنة عقوبة سجن نافذة وبلغت حد المؤبد. ولم يغلق ملف الاعتقال السياسي بالوطن المحتل بل يتكرر الاعتقال ويتجدد في دورات ارتبطت بحركة الحياة تحت الاحتلال.
في يوم المعتقل السياسي الصحراوي نستحضر عناوين الذود عن حق الشعب الصحراوي في الحياة الحرة الكريمة، نسجل أن الأمم المتحدة لا تعترف للمغرب بأية سيادة على إقليم الصحراء الغربية، ونعيد تأكيد حقيقة أن إقليم الصحراء الغربية لا زال مدرجا منذ 1963 الى حد الساعة على قائمة الأقاليم غير المحكومة ذاتيا طبقا للفصل 11 من ميثاق الأمم المتحدة، ونستنتج أن لا اسبانيا في الماضي مارست ولا المغرب حاليا يمارس سيادة على إقليم الصحراء الغربية. ونتساءل هل ما تزال الحاجة قائمة للتذكير بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في 16 أكتوبر 1975 والذي أكد في الفقرة 162 على عدم وجود أي رابط للسيادة الإقليمية بين إقليم الصحراء الغربية والمملكة المغربية أو الكيان الموريتاني. ثم ماذا بعد الرأي الاستشاري للاتحاد الإفريقي الصادر في العام 2015 وتحديدا في الفقرة 21 “الذي يعتبر الصحراء الغربية خاضعة للاحتلال الاستعماري من جانب المغرب، وهو بذلك يناقض روح الأهداف والمبادئ التأسيسية، لكل من منظمة الوحدة الإفريقية والاتحاد الإفريقي”، ثم نضيف ما حكمت به محكمة العدل الأوروبية في حكمها الصادر في 21 ديسمبر 2016 وتحديدا في الفقرة 92 “الصحراء الغربية والمغرب إقليمان متمايزان ومنفصلان”.
واعتبارا لكل ما ذكر وبمناسبة يوم المعتقل السياسي الصحراوي، فإننا في الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي: